قصة رعب طفل فلسطيني

المكان: حى تل الهوى فى مدينة غزة

التاريخ: 15 يناير 2009

الوقت: الخامسة فجرا

الشاهد: ماجد، طفل فلسطينى، عمره تسعة أعوام

فى الصباح، اقتحم جنود جيش الاحتلال الإسرائيلى الطابق الأرضى من بناية سكنية فى الحى، وهم يطلقون الذحيرة الحية. فصل الجنود الرجال عن النساء والأطفال وأمروا الرجال بأن يخلعوا ملابسهم قبل أن يأخذوهم واحدا تلو الآخر خارج البناية. اقترب جندى من ماجد، والذى كان مختبئا وراء أمه خوفا واشار إليه أن يتقدم.

مايحدث بعد ذلك هو أساس لائحة الاتهام الموجهة إلى أثنين من جنود الجيفاتى (وهى قوة فى ألوية المشاه فى جيش الاحتلال الإسرائيلى). حيث يتم اتهامهم باساءة استخدام السلطة لدرجة تهديد الحياة أو الصحة والسلوك غير اللائق. وكان الجنديان طبقا للاتهامات التى وجهها لهم المدعى العام العسكرى طلبوا من ماجد أن يفتح حقائب يشتبهون أنها تحتوى على متفجرات.

وهذه هى ثانى الاتهامات التى توجه لجنود إسرائيلين لسلوكهم خلال عملية الرصاص المصبوب (حرب غزة الأخيرة). ومازال هناك اتهامات أخرى أكثر جدية ستوجه للجنود الإسرائيلين فى الفترة القادمة.

وكان التحقيق فى هذه الواقعة قد بدأ فى يونيو 2009 بعد أن علم بها جيش الاحتلال الإسرائيلى من ممثل الأمم المتحدة الخاص بالأطفال والصراعات المسلحة و المنظمة العالمية للدفاع عن الأطفال. وكان اعضاء من المنظمة هم الذين أخذوا شهادة الطفل فى 30 مارس 2009.

وهذا هو نص شهادة الطفل ماجد كاملا تقريبا.

أربعون شخصا فى حجرة تخزين

أنا أعيش فى حى تل الهوى فى الطابق السادس من بناية سكنية. فى ليلة 14 يناير تزايد القصف وكنا نسمع الانفجارات كل بضع دقائق. لذلك قررنا، عائلتى وأنا، أن ننزل إلى الطابق الأرضى حيث نخزن حاويات المياه. قال أخى أننا سنكون أكثر أمانا هناك. كنا حوالى أربعين شخصا فى حجرة التخزين مع كل الجيران، الرجال، النساء والأطفال.

فى حوالى الساعة الخامسة فجرا سمعت صوت أبواب تتكسر. سمعت أصوات اطلاق نار كثيف واخترقت الرصاصات نوافذ المستودع. لم يكن لدينا كهرباء، كان مصدر الضوء الوحيد يأتى من بطارية موضوعة على عمود خرسانى داخل المستودع. كانت رؤيتنا محدودة.

كان هناك حوالى أربعين شخصا فى الداخل، كنا نقف جميعا لأنه لايوجد متسع للجلوس. وقفنا حوالى عشر دقائق وكان صوت الانفجارات يتصاعد. سمعنا أصوات جنود إسرائيلين يصرخون بالقرب منا وأصوات نيران البنادق تدخل إلى المستودع. بعد ذلك كسر الجنود باب المستودع وصرخوا بلغة غريبة عرفت فيما بعد أنها العبرية.

دخل الجنود المستودع وبدأوا فى اطلاق النيران فى كل الاتجاهات. رأيت أضواء حمراء صغيرة تتحرك فى كل مكان داخل المستودع، وكان أمامنا ظلال حوالى ثلاثين جنديا إسرائيليا على الحائط. فى تلك اللحظة صرخ فينا شخصا ما "قولوا كتان...كتان". كان يقول للجميع، حتى الأطفال. صرخ الجميع ولكنى لم أتكلم لأنى كنت خائف أن يطلقوا النار على إن هم سمعونى. علمت بعد ذلك أن كلمة كتان تعنى أطفال بالعبرية. بعد توقف الصراخ، توقف اطلاق النار أيضا.

رأيت بعد ذلك وأنا مختبئ خلف أمى جنديان يقفان بجوار باب الحمام. واحد منهم أشعل بطاريته وقال بعربية مكسورة "تعالوا، أخرجوا، واحدا تلو الآخر" وكان أخى هو أول من يخرج. بمجرد خروجه أطلق الجنود النار عليه واعتقدت لوهلة أنهم قتلوه ولكنى رأيته بعد ذلك مازال واقفا. بدأ أخى فى خلع ملابسه ثم خرج أ.س وأولاده الذين لا أعرف اسمائهم ثم لحق بهم باقى الرجال.

أخذهم الجنود وأجبروهم على الاستلقاء على الأرض فى الجانب الشرقى من المستودع. ثم خرجت أمى وأختى وتبعتهم باقى النساء.

فى هذه اللحظة رأيت عدد كبير من الجنود يقفون داخل المستودع. كانوا يحملون أسلحتهم ويلبسون خوذات خضراء. وكانت وجوههم ملونة بنفس الألوان التى آراها فى أفلام الحركة فى التليفزيون. تحدث جندى بلغة عربية مكسورة والتى كان من الصعب فهمها يطلب منا أن نذهب إلى الركن الجنوبى الغربى من المستودع. أمى وباقى النساء والأطفال وأنا فعلنا مثلما طلب منا. كنت خائفا جدا وكنت أعتقد أنهم سيقتلونى فى أى وقت. كنت أمسك بيد أمى بقوة وأختبئ خلفها. وقفنا حوالى عشرة دقائق بينما كان الجنود يتجولون فى المستودع وأخذوا يفتشون الرجال ويجبروهم على التجرد من ملابسهم حتى الملابس الداخلية.

جذبنى من شعرى وأخذ يضربنى على وجهى

فى هذه اللحظة أتى جندى ووقف على بعد مترين مننا وقال وهو يشير ناحيتنا "تعالى"، سألت أمى "أنا"، أجاب بعربية مكسورة وهو يشير نحوى"لا،هو". اقترب منى وجذب قميصى من ناحية الرقبة وجرنى وأمى تصرخ "أنه مجرد طفل". اعتقدت ساعتها أنهم سيقتلونى، شعرت بخوف شديد حتى أنى بللت سروالى، ولم استطع أن اصرخ أو اقول أى شئ لأنى كنت مرعوب.

جرجرنى الجندى ناحية الحمام، حوالى عشرين مترا، ودفعنى ناحية الممر الضيق أمام الحمام وبدأ فى الصراخ بلغة لا أفهمها. كنت خائفا جدا من شكله، كان طويلا ،وجهه مطلى باللون الأسود والأخضر وألوان أخرى، وكان يرتدى خوذة، كل شئ فيه أخافنى. أشعل بطاريته فرأيت وجهه جيدا، ثم بدأ فى الصراخ ولكنى لم أعرف ماذا يقول، فجذبنى ودفعنى ناحية الحائط.

بدأ فى الاشارة بيديه ففهمت أنه يريدنى أن أفتح الحقائب. حقائب صغيرة أحضرها السكان معهم تحتوى على متعلقاتهم الشخصية ونقودهم. كانت الحقائب تشبه حقائب لاعبى الكره وفهمت من اشاراته أنه يريدنى أن أفتحها.

كانت هناك حقيبتان أمامى ففتحت الحقيبة الأولى وهو يقف على بعد متر ونصف ويصوب سلاحه ناحيتى. أفرغت محتويات الحقيبة وكان فيها نقود وأوراق. نظرت إليه وكان يضحك.

حاولت فتح الحقيبة الثانية ولكنى لم استطع. حاولت كثيرا ولكن بلا فائدة فصرخ فى ثم جذبنى من شعرى وأخذ يضربنى على وجهى بشده. لم استطع البكاء أو الصراخ لأنى كنت مرعوبا. جرجرنى بعيدا وأجبرنى على الوقوف فى مواجهة الحائط، ثم وقف على بعد متر ونصف وأطلق النار على الحقيبة التى لم استطع فتحها. ظننت أنه قتلنى فصرخت ووضعت يداى على رأسى. ثم أخذ يدفعنى فى الممر.

قال جندى آخر يتحدث العربية بطلاقة " أذهب إلى أمك". جريت ناحية أمى وأختبئت خلفها وقلت بصوت خفيض "لقد بللت سروالى"، ردت "لابأس". ثم رأيت الجنود يجرون الرجال إلى الجانب الجنوبى من المستودع بجوار حاويات الماء.

وصرخ الجندى "بوم،بوم" ثم أخذ يضحك

عرفت بعد ذلك أنهم طلبوا شخصا يتحدث الأنجليزية فتحدثت أختى م. إليهم. طلبت منا أن نجلس على المراتب التى على الأرض. كانت المراتب والبطاطين قد احترقت جراء اطلاق النار. اخبرتنا بعد ذلك أن الجنود يريدونا أن نجلس فى دائرة وظهورنا تقابل بعضها البعض. كنت أجلس بجوار أمى. ثم أحضر جنديا كرسى كان موجودا فى المستودع ووضعه فى منتصف الدائرة فاعتقدت أنهم سيطلبون منا الجلوس على ذلك الكرسى ويطلقون النار علينا.

أصبحت خائفا جدا ولكنى لم استطع أن أفعل شيئا. جلس الجندى على الكرسى وبدأ يصرخ بين الحين والآخر"بوم،بوم" كصوت الأنفجار. كنا نضع ايديا على رؤسنا ويضحك الجنود بصوت عالى. كرر هذا الأمر حوالى خمس مرات.

ثم جلس الجندى على بعد خمسة أمتار وانضم إليه أربعة جنود آخرين وصوبوا جميعا أسلحتهم ناحيتنا. كنت أرى النور الأحمر يتحرك على جسدى وعلى أمى وأشقائى. كان هناك ضوء أحمر رفيع يأتى من اسلحتهم. كانوا كلما رفعوا اسلحتهم اعتقدت أنهم سيطلقون النار علينا، ولكنى كنت ارتاح قليلا عندما يخفضونها ثانية.

ثم أخذ الجنود شوكولاتة وبسكويت وبدأو يأكلون، كنت جائعا جدا. نظر الجنود ناحيتنا ورفعوا قوالب الشوكولاتة فاعتقدت أنهم سيعطونا. واحدا منهم اشار لى بالجلوس بينما وضع الآخر يده عند رقبته فى اشارة أنهم سيذبحونا. كنت خائفا حتى الموت فركزت عيناى على الأرض حتى لايرانى. جلسنا هكذا لمدة خمس ساعات.

أنا أخجل من التحدث عن الأمر

فى حوالى الساعة الثالثة عصرا، علمت أن جنديا أخبر أختى م. أن تحمل علم أبيض وتتوجه إلى الهلال الأحمر. خلعت أمى حجابها الأبيض وتوجهنا جميعا إلى الغرب ناحية الهلال الأحمر،على بعد 150 متر.

ظل الرجال فى المستودع ولم يأتوا معنا. لم أرى أى منهم عندما غادرنا. مشت م. فى المقدمة تحمل العلم الأبيض وكنت أمسك أنا بيد أمى وأشقائى.

رأيت دبابات تقف فى مدخل البناية ودبابات أخرى على طول الشارع إلى الهلال الأحمر. مشينا على حطام المبانى حتى وصلنا إلى الهلال الأحمر. أحضرت م. لنا البسكويت والماء. سمعنا بعد ذلك نيران كثيفة وأصوات انفجارات تتصاعد. واشتد القصف بالمدفعية. وظل الوضع هكذا لبضعة ساعات.

فى حوالى الساعة الثامنة مساءا سمعت الأطباء وبعض الناس يصرخون "أخرجوا، المستشفى تحترق". أمسكت بيد أمى بشدة وكان معنا أشقائى. اعطتنا أمى مناديل بيضاء وقالت لنا "أرفعوهم ونحن خارجين من هنا". رفعت منديلى وجريت نحو الشارع ورأيت كثير من الناس فى الخارج. أعتقد أنهم كانوا خارجين من المستشفى مثلنا. توجهنا شمالا ناحية الشارع الرئيسى ورأيت دخان أسود يتصاعد من المستشفى خصوصا من الطابق العلوى. فى هذه اللحظة سمعنا سيدة تصرخ "تعالوا، تعالوا" كانت فى سيارة أسعاف. نظرت ناحيتها ورأيت أنها م. دخلنا إلى سيارة الأسعاف وتحركت بسرعة.

فى الشارع رأيت مرضى على أسرة المستشفى ومعهم أطباء يهربون من المكان. رأيت شيئا غريبا أيضا، كان هناك مريضا مستلقى على سرير مزود بمولد كهربائى يدفعه شخصا آخر. كان الناس يصرخون بصوت عالى، كل الناس فى الشارع كانوا يصرخون. أوصلتنا سيارة الاسعاف إلى بعض أقاربنا فى حى الشيخ رضوان. قضينا ليلتنا هناك، كنا أقل خوفا. هناك، غسلت أمى بعض الملابس. وطلبت منى أن استحم، أخذت بعض الملابس من أقاربى وبدلت ملابسى المتسخة. نمت تلك الليلة بين ذراعى أمى ولم افارقها.

فى المدرسة، أنا أخاف أن اتذكر أو اتحدث عما حدث. بعض الناس من منظمات مختلفة أتوا ليسألونا عن ماحدث وعن القتلى والجرحى. أنا أخجل احيانا أن اتحدث عن الأشياء بالتفصيل مع أشخاص لا أعرفهم. أنا ايضا أخاف أن أخبر الناس عن الموقف الصعب الذى عشته، والذى لا أحب أن اتذكره. أنا حتى لا أتكلم عن الأمر مع والدتى. أفضل أن أنسى واحيانا ابكى عندما أتذكر. أنا تحدثت إليك لأنى عرفت أنك من منظمة مكرسة لمساعدة الأطفال.

نأمل أن يبدأ الجنود فى تحمل بعض المسئولية

وقالت إيزابيلا جيتارد المحامية التى عينتها المنظمة العالمية للدفاع عن الأطفال من أجل تولى قضية ماجد أنها راضية عن لائحة الاتهام التى صدرت بحق الجنود.

وطبقا لإيزابيلا فأن توجيه الاتهامات يمثل سابقة فى حالات استخدام الأطفال كدروع بشرية.

اللهم شتت شملهم وفرق جمعهم واجعل دائرة السوءعليهم
مشكور اخي خالد ما ننحرم من ابداعاتك
تقبل مروري

حسبي الله على كل ظالم ومفتري

اللهم زلزل الارض من تحت اقدامهم

مشكور اخي خالد لمى نقلت من حقيقة واقعية

لاعدمنا جديدك المميز

تقبل مروري

لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم

اللهم استرنا فوق الارض وتحت الارض ويوم العرض

يا رب انت مطلع على كل شيئ فاحمنا واحفظنا من ظلم العباد وسلط عليهم عقابك وعذابك في الدنيا والاخره

مشكور اخي خالد

لاحول ولا قوه الا بالله
يعطيك العافيه اخي خالد

مشكورين كتير على مروركم الذي اضاء صفحتي

باااااااااااااارك الله فيك وتحياتي لطرحك الرائع
تقبل مروري

شكرا لك اخي خالد الله يجعلنا من الصابرين

مشكور خالد موضوع تدمع له القلوب قبل العيون

تقبل مروري بحزن