الشعر ديوان العرب، قالوه بالفطرة، نما معهم كما تنمو أجسادهم، وهذا
حال
ذاك الرجل الفلاح الأمي "محمد حسن عبد الله" من قرية "بليون"، فالعيون
التي لا تستطيع سوى تمييز حروف القرآن الذي حفظت أشكالها في حلقات الكتّاب
عن ظهر قلب، تبعث إلى الشفاه ما تراه شعراً فصيحاً موزوناً على بحور
"الخليل
بن أحمد الفراهيدي".
تحدث "أبو حسن" (كما يناديه أهل قريته)
قائلاً: «لا يمكن للشعر أن
يكون مكتسباً لأن العرب بفطرتهم شعراء، فإذا
وجدت تلك الموهبة ما
ينميها في العائلة لابد لها أن تتجلى وتخرج إلى
الوجود، أبي كان شاعر
زجلٍ يقول العتابا والميجنا وكذلك أخوالي، ومنذ صغري
كنت أسمع أشعار
"عنتر وعبلة" وأشعار "الزير سالم" والقصص والملاحم الشعبية
التي تكلل
بالأشعار وحفظتها كلها، فقوة الذاكرة واللغة الرصينة التي
اكتسبتها من
حفظي للقرآن جعلتني أقول الشعر كما قاله الأسلاف».
* في أي
المواقف تقول الشعر؟
أحب الشعر الثوري الذي يمتزج
بدمائنا العربية، قلت للعرب مخاطبهم لتحرير
فلسطين:
فبادر
يا أخي واحمل
|
يقرأ القرآن |
سلاحاً...
وناضل في صفوف الزاحفينا... وكن ناراً مزمجرةً وموتاً...
على هامات
جيش المجرمينا... فدعني أنظم الأشعار فخراً... إذا عدنا لحيفا
ظافرينا.
كما
أنظم أشعاري المحكية من وحي ما أراه وأشاهده من أحداث تحيط بنا في كل
يوم
ففي غزو العراق قلت: ابن عمو لطه في حماها... وحوله رجال كلهم
صناديد...
شعب العراق ما يهاب المنايا... وبحر الدم إذا بينقص بزيد...
ومهما
صابها بغداد شدة... بلد منصان من عهد الرشيد.
أما شعر الزجل
فأقوله في الأفراح وفي معظم مناسبات القرية والقرى المجاورة
التي
أشارك بها فأبارز شعراء الزجل وأرد الردود الحاسمة التي تربكهم فأقول:
إذا
جدك ملك قلعة حصينة.. وإنت صرت من بعدو
|
في قريته بليون |
حصينا..
بوطيس المعركة لركض حصينا.. فلاكي ما تجيبك بالهضاب.
*
ماذا عن مشاركاتك الشعرية؟
مشاركاتي تقتصر على
المناسبات والأعياد الوطنية، إضافةً لحفلات الفرح
والزجل، ففي أية
مناسبة وطنيةٍ في المحافظة أتصدر قائمة المدعوين، كما
شاركت في برنامج
"ابن البلد" الذي قدمه "توفيق حلاق" وقدمت أشعاري في
التلفزيون السوري،
وأجريت العديد من اللقاءات الصحفية لتدون أشعاري في
الدوريات المحلية
لأنني لا أستطيع كتابة ما ألقيه ولكنني أحفظه عن ظهر قلب.
*
بعيداً عن موهبتك، كيف تمضي وقتك في القرية؟
أنا فلاح
وأعتز بأنني ابن الأرض التي أعطت ساعدي لونه الأسمر، ولكن لم
أعد
أستطيع العمل في الحقل لذلك أجلس مع
كبار السن في ساحة القرية
لساعاتٍ طويلةٍ نتداول
أحاديث الصبا وذكريات الطفولة قبل أن أمضي إلى
منزلي وأقرأ القرآن.
يشار أن الشاعر "محمد حسن عبد الله" من
مواليد قرية "بليون" عام /1933/،
وهو موسوعةٌ متنقلة لا ينسى الشعر
الذي يقوله لتكون ذاكرته الديوان الذي
يخط أشعار الأمي المعجزة.
أخوكم ابوحيدر
محمدمحمود حباب