يجزم المخرج الشاب سامر برقاوي بأن تنوع الألوان الدرامية يفرض على المخرج في كل لون أن يغير من رؤيته الإخراجية، و هو الأمر الذي انعكس بوضوح في أعماله الدرامية و قد استطاع خلال فترة قصيرة أن يترك بصمته الخاصة في الإخراج،وأن يمزج بين العديد من الألوان الدرامية فمن كوميديا (بقعة ضوء) إلى كواليس (الشام العدية) ليخرج (قلبي معكم).
سامر برقاوي فتح قلبه لتشرين فكان الحوار التالي:
قمت بإعادة توليف أجزاء قديمة من بقعة ضوء ما الفكرة من ذلك ؟ وهل تفكرون بإنجاز أجزاء جديدة منه؟
كانت فكرة إنتاج هذا الجزء بعنوان مختارات بعد محاولة حدثت في الجزء الماضي، استقدمنا لوحة من الجزء الثاني تحت عنوان (العرس) وتم عرضها في الجزء السادس من (بقعة ضوء) ولاقى الموضوع استحساناً كبيراً، وتابعنا هذه الحالة واكتشفنا أن هذا النوع من الكوميديا تراكمي بالاستقبال أي عندما تشاهد اللوحة أكثر من مرة تشكل علاقة وجدانية مع المشاهد ويتذكر كيف حضرها أول مرة وردة فعله عليها، وكيف كان العمل قبل حوالى سبع أو ثماني سنوات! ويشاهد الممثلين كيف كانوا في تلك الفترة من ناحية أعمارهم وأشكالهم وطريقة التمثيل واختلاف الأساليب التي تعاملنا فيها مع اللوحات خلال مرور هذه الأجزاء، وهذه الحالة لاقت استحساناً فكانت مثل باقة الورد أو سلة منه للجمهور في هذه السنة التي نعاني فيها من شح المادة الكوميدية المقدمة في رمضان، وبالنسبة لأجزاء مقبلة- في حال كان هناك أجزاء مقبلة- وطلب مني فهو مشروع جذاب ويشدني العمل فيه.
ما المقاييس التي تم اتباعها في اختيار اللوحات؟
تمت دراسة الموضوع بطريقة استبيانية للأمزجة خاصة بالنسبة للجمهور على اختلافهم وتنوعهم،فحاولنا أن نستحضر ذاكرة الناس من خلال اللوحات التي تركت أثراً وتذكروها والحالات التي تخطر لهم عندما نذكر (بقعة ضوء)،وحاولنا أن نجمع الكم الأكبر وهذا واحد من الاعتبارات، بالإضافة إلى الحفاظ على حضور كافة الأجزاء بهذه المختارات، والاعتبار الثالث أن نبدأ بهذه المختارات من الأجزاء الأولى ونسير فيه تباعاً حتى نصل للأجزاء الأخيرة.
في مسلسل (قلبي معكم) تناولت شريحة من المجتمع وهي الأطباء،ولكن من دون الغوص في كشف أسرار هذه المهنة وممارسات بعض الأطباء؟
نحن لم نتعرض لمجموعة مشاف في هذا العمل، تناولنا مشفى خاصاً مع بداية التسعينيات في فترة تأسيس المشافي الخاصة وبالتوازي مع وجود المشافي العامة في تلك الفترة، وتناولنا مشفى قد تكون نموذجية بشكل أو بآخر لذلك ظهرت هذه الصورة بهذا الشكل، وبالمقابل تناولنا شخصيات ولو بشكل سريع لديها نقاط سلبية، ولم تكن مهمة العمل تناول مهنة الطب بايجابياتها وسلبياتها، بل قمنا بالتركيز على هذا المشفى بشكل خاص ومحاولة الغوص بتقاطعاتها ومحيطها وبعلاقاتها الداخلية و مجموعة القصص الإنسانية التي يمكن أن تمر عليها أية حالات طبية نستخلص منها حالة إنسانية ووجدانية معينة.. وبالتالي ما كان مطلوباً من العمل أن يقدم بانوراما عن مهنة الطب في سورية خلال تلك الفترة وتحولاتها بعد عشرين عاماً، بل هو مشروع الدكتور بشر النموذجي ومجموعة المشافي التي يخوضها حتى يقف هذا المشروع على قدميه، وما مرت فيه هذه الشخصية من خلال الحالات التي تمر على المشفى والتعامل معها وتقاطعاتها.
ألا يضعف اختيار مهنة محددة آفاق العمل؟
على العكس تماماً أنا شعرت أنه قدم خصوصية لهذا المشروع،وهذا لا يمنع أن هناك أعمالاً أخرى تصور أو صوّرت تتناول مهناً أخرى مثل مهنة الصحافة أو المهن الإدارية أو التعليمية أو الداخلية وهذا قدم شيئا خاصا للعمل.
بالنسبة لمسلسل (أهل الراية) بجزئه الثاني، ما سبب تأجيل هذا المشروع؟
سبب التأجيل له علاقة بجهوزية النص والعناصر المكونة للمشروع،وهذه الأسباب مازالت قائمة حتى إشعار آخر.
انسحاب الفنان جمال سليمان من بطولة العمل ألا يؤثر على سويته واهتمام المشاهدين فيه؟
أنا حتى الآن لم أشاهد انسحاباً صريحاً لأبطال العمل من هذا المشروع، ربما لأنه لم يدخل في مرحلة التحضير الفعلية ولم نأخذ أجوبة رسمية، سمعت لقاء الأستاذ جمال على إحدى المحطات مؤخراً، وقال إن لديه اعتراضاً على النص، وبالتالي إذا تم الأخذ بالاعتبار الملاحظات التي يضعها المخرج وبقية العناصر الفنية المشكلة لهذا العمل،ولا سيما أن الكاتب في طور التعديلات وتطوير النص، ممكن عندما يصبح بصيغته النهائية أن يحصل هذا التجاوب وهذا ما فهمته من حديث الأستاذ جمال.
أي إذا تم تعديل النص هل هناك أمل لعودة الأستاذ جمال إلى العمل؟
هذا الموضوع يعود إليه ولعلاقته بالمشروع ككل، وهذا السؤال يوجه إليه ولكن أعتقد من خلال جوابه أنه لم يرفض بشكل قاطع العودة إلى المشروع، بل هو يتمنى أن يكون الجزء الثاني على الأقل أفضل من الجزء الأول،وهذا حقه وهو مطلب لكل العناصر التي تعمل على مشروع (أهل الراية) في جزئه الثاني من الكاتب إلى الشركة والممثلين وغيرهم من العناصر الفنية.
أنت كمخرج هل هناك ثغرات في الجزء الأول، خاصة أن العمل طرح بطريقة تحكي قصص وحكايا الجدات، أليست هذه ثغرة للعمل؟
بالعكس تماماً منطقة العمل حاولت توثيقها وإرجاعها إلى مرجعيات تاريخية محددة،وأنا دائماً مع تعويم الزمن في هذا النوع من الدراما، وهذا المكان أشبه بحكايا الجدات أو حكايا الحكواتي في المقهى، لأنه ليس المطلوب توثيق مرحلة تاريخية معينة، ويقوم بهذا الشيء دراميا نوع آخر والتي تندرج تحت اسم الأعمال التاريخية أو التاريخية المعاصرة !! وبالنهاية هو عمل بيئة شامية ولكن بطريقة مختلفة تماما، قد ينطلق من هذه المقولة ويذهب فيه إلى حكاية الجدة وهذا أفضل له وهذا يحميه...
هل تعتقد أن مسلسلات الأجزاء ضرورة درامية أم وسيلة لاستثمار نجاح سابق؟
هناك الكثير من الأعمال التي كتبت وكان لها جزء ثان قبل البدء بتصويرها، واعتقد أن (أهل الراية) كتب وكان هناك تصور لجزء ثان له،وبالتالي هذا يعود للكاتب أي إن كان هناك جزء ثان أم لا؟ وهل هيئ له لذلك؟ وبتصوري أن (أهل الراية) موجود بجعبة الكاتب ليصنع أكثر من جزء هي حكاية طويلة،واعتقد أن الأستاذ احمد حامد يملك هذا الجواب.
قلت مرة أن الاحتراف علمك الدخول إلى كل عمل بشرطه الفني، فهل هذا سبب دخولك إلى غمار أهل الراية؟
الاحتراف مع الوقت يعلم المخرج أن يدخل لكل الأمزجة بشرطها الفني ويصنعها ضمن شرطه وشكل فني يتمناه،وحتى أنا قدمت هذا العام استكمالاً لما بدأه المخرج إياد نحاس في الشام العدية (بيت جدي الجزء الثاني) وتصوير الجزء الأخير منه،و هو عمل بيئي دمشقي شامي والحمد لله أنجزنا المشروع واستكملناه ضمن العامل الاحترافي الذي تحدثت عنه،والذي يبدأ بالشرط الموجود فيه وإخراجه بالشكل الفني المطلوب.
ما السبب الذي دعاك للدخول إلى كواليس بيت جدي في جزئه الثاني؟
هي حالة اسعافية بحكم أن مخرج العمل تعذر عليه وبشكل نهائي إتمام العمل، وبالتنسيق معه طلب مني أن استكمل ما بدأه لكي يرى هذا العمل النور،خاصة أن المحطات الموعودة فيه تجاوزت العشر، وبطلب من أسرة العمل والشركة لبيت هذا الطلب،وأنا مسرور أن هذا العمل كان موجوداً على الخارطة الدرامية هذا العام وضمن المشروعات التي قدمت للموسم الرمضاني.
هل أنت راض عنه؟
ليس الموضوع أنني راض أو غير راض بل انجاز هذا العمل في الظرف الذي كان موجودا فيه وكان يحكمه - استطاع هذا العمل أن يوجد على شاشة العرض - اعتبره انجازاً كبيراً جداً لكل مجموعة العمل وتكيفهم مع مخرج ثان لكي يكمل المسلسل ومساعدته لكي يصل إلى بر الأمان، وانجازه في الوقت المحدد وظهوره هذا العام هو أمر ايجابي جدا، وأنا لا أقيم عملا قمت به أو ساهمت فيه على الأقل وهذا الموضوع يترك للجمهور فهم الحكم الأول...
هناك بعض الممثلين يرغبون في التدخل في عمل المخرج وإبداء رأيهم في طريقته هل تتقبل هذا الأمر بصفتك مخرجاً؟
يجب أن نميز بين المصطلحين الاقتراح والتدخل، وأنا من المخرجين الذين يقبلون الاقتراحات والاقتراح ينتهي عندما يصل إلي واسمعه ومن بعدها أما أن يتم الأخذ به أو لا، أما التدخل فهو فرض حلول فنية على المخرج خارج رؤيته أو داخلها فإذا وصلت إلى حد الإلزام تصبح أمراً مزعجاً، والتدخل لا يجوز إلا إذا كان المخرج للأسف غير قادر على تقديم حل أو رؤية فنية واضحة، وهذا الشيء يلزم بعض الجهات خاصة الممثلين وشركات الإنتاج على التدخل وتغطية الفراغ الموجود وهذه الحالات نادرة جدا، وهذا لم يحدث معي أبدا، ودائما الأمور تدخل في إطار الاقتراحات، فإذا كان الاقتراح بناء وضمن الرؤية العامة للمخرج يؤخذ به، أما عندما يكون خارج هذه الرؤية فهي غير ملزمة ولا يتم الأخذ به وأنا مع الاقتراح.
ما دور المخرج في صناعة النجم؟
إذا اعتبرنا أن المخرج صاحب مشروع فني يحافظ فيه على سوية في حالة صعود مستمر وبحاجة إلى عناصر فنية ترافقه من فنيين وممثلين وعناصر أخرى ضمن هذه الرحلة إذا صحت تسميتها بذلك قد يترافق معها ممثل يتابع هذا المشروع ويرافقه ضمن توافق فني معين أو تفاهم مع مخرج ممكن أن يساعد على صناعة أو بلورة موهبة معينة عن هذا الممثل واعتقد أن هذا ليس هدف المخرج بل تحصيل حاصل..
موضوع: دخوله إلى كواليس «الشام العدية» .. حالة إسعافية..سامر برقاوي: الاحتراف هو الدخول لكل الأمزجة بشرطها الفني! 
16/2/2010, 22:24
