رمضان اهلا وسهلا

كثيرة هي الكلمات التي ما أن يقع جرسها على الاذن فسرعان ما تحدث تفاعلات داخل احاسيس ومشاعر وجسد السامع، كثيرة هي الكلمات التي ترتاح لها النفس وتسكن لها الجوارح وتترك بصماتها وتبقى حلاوتها وتزيد طلاوتها ولا تبلى عذوبتها مع كثرة الرد والتكرار.
«رمضان» واحدة من هذه الكلمات ان لم تكن هي من القلائل الفريدة المميزة التي تسكن اليها النفس وتتفاعل معها المشاعر والاحاسيس .
رمضان ليس مجرد توقيت ، رمضان هو شهر القرآن ، رمضان المغفرة ، رمضان الارحام ، رمضان الذكريات ، رمضان كلمة لها نكهة مميزة وطعم فريد ومذاق غير عادي لا يدرك كنهه الاّ من فهم رسالته وغايته .
أيام قلائل تفصل بيننا وبين ان نرى هلال رمضان ليحل علينا ضيف كريم وشهر عظيم يغفر الله فيه السيئات ويتجاوز الله عن الخطايا ويعتق الله سبحانه فيه الرقاب فأهلا ومرحبا رمضان .
مرحبا اهلا وسهلا بالصيام
يا حبيبا زارنا في كل عام
قد لقيناك بحب مفعم
كل حب في سوى المولى حرام
فاغفر اللهم منا ذنبنا
ثم زدنا من عطاياك الجسام
مرحبا بك يا رمضان بعد أن غبت عنا عاما كاملا مات فيه اقوام وولد فيه آخرون اغتنى فيه اناس وافتقر فيه آخرون ، ملئت بالحسنات صحائف اقوام، وامتلأت بالسيئات صحائف آخرين ، اطاع الله خلق وعصت ربها خلائق، ليظل رجاؤنا نحن الذين نحبك يا رمضان ونحب الله الذي اكرمنا بك ونحب محمدا صلى الله عليه وسلم الذي دلنا عليك بان تكون انت الشهر الذي يكرمنا الله سبحانه بان يغفر لنا ذنوبنا ويستر عيوبنا ويتجاوز عن سيئاتنا ويعتق رقابنا من النار ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الصلاة الى الصلاة ، والجمعة الى الجمعة ، ورمضان الى رمضان ، كفارات لما بينهن ما لم تغش كبيرة وذلك الدهر كله ) .
وقد اكرم الله امه محمد صلى الله عليه وسلم بخمس كرامات ( أكرم الله أمتي في شهر رمضان بخمس كرامات :
الاولى : ان خلوف فم احدهم اطيب عند الله من ريح المسك .
الثانية : ان لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة .
الثالثة : ان لكل مسلم يوم وليلة دعوة مستجابة
الرابعة : ان الله يصفد الشياطين او مردة الشياطين فلا يخلصون الى ما كانوا يخلصون اليه من قبل .
الخامسة : ان الله يعتق في آخر ليلة من رمضان ما اعتق سبحانه وتعالى من الليالي الأخرُ.

كيف نستقبل رمضان ؟!
رمضان هذا الوافد العزيز والضيف الكريم الذي ما ان يهلَّ هلاله حتى كان قدوتنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم يستقبله بقوله ( اللهم اهله علينا باليمن والايمان والسلامة والاسلام ، هلال خير ورشد ، ربي وربك الله ) .
رمضان هذه الفرصة التي لا تعوض وهذه اللحظات الثمينة التي لا تقدر بثمن هذه الليالي التي فيها يعتق الله عند كل فطر عتقاء وذلك في كل ليلة فكيف يا ترى نفوِّت هذه الليالي بغير ان نجعلها سبيلنا الى العتق من النار
ان الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم كان يستقبل رمضان على أحسن ما يكون الاستقبال حيث كان يخصص هذا الشهر لقراءة القرآن حيث كان جبريل عليه السلام ينزل فيلقاه فيدارسه القرآ ن ، وهكذا فَهِمَ علماء الامة كيف يكون استقبال رمضان حتى انهم كانوا يعطلون حلقات العلم والتدريس والفتيا ويأخذون المصحف يتدارسونه ، انهم وليتنا مثلهم نفعل بان نستقبل رمضان بتوبة نصوح ، واستغفار ، ولجوء صادق الى الله تعالى ، وكثير دعاء ، وكثير تلاوة ، ومحافظة على صلاة الجماعة .
كان الامام مالك رحمه الله اذا دخل عليه شهر رمضان اغلق كتبه واخذ المصحف وجلس في المسجد ويقول ( هذا شهر القرآن لا كلام فيه مع القرآن ) .
وكان الامام احمد بن حنبل اذا دخل شهر رمضان ترك الفتوى والمسائل وجلس يذكر الله ، ويهلل الله ويكبر الله ويتلو آيات الله.
هكذا لنستقبل رمضان ايها المسلمون وهنيئاً لكم يوم ادرككم الشهر تصومونه ايمانا واحتسابا ويباهي الله بكم ملائكته من فوق سبع سموات وهو يقول سبحانه ( كل عمل ابن آدم له الا الصيام فانه لي وأنا اجزي به ) ، ورسوله صلى الله عليه وسلم يقول ( من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً ) .

واجبنا في رمضان
1) واجبنا ان نعلم ان الصيام سرٌ بين العبد وبين الله سبحانه ، اي ان الانسان بامكانه اذا اراد ان يأكل ويشرب ولا يراه احد وان بامكانه ان يستتر بحيث يأكل ويشرب ولا يطلع عليه الاهل ولا الجيران ولا احد من الخلق ابدا ، ولكن معرفته ويقينه ان رب الناس يراه وان الصوم انما هو لله سبحانه ( كل عمل ابن آدم له الا الصيام فانه لي ) فإنه يمنعه من ذلك إن المصلي يراه اهله ويراه كل الناس لما يذهب للصلاة في المسجد جماعة ، وان الذي يؤدي فريضة الحج فانه كذلك وهكذا سائر العبادات الا عبادة الصيام فانها سر بين العبد وبين الله سبحانه .
2) ان نصوم بنية فانه لا اجر لمن لا نية له ، انه ليس الصيام مجاملة للوالدين وانه ليس تقليدا لما ورثناه عن الآباء والاجداد ، وانه ليس الصيام رغبة في تخفيف الوزن والحفاظ على رشاقته كما يحلو للبعض ان يفعل ، ان الصيام ليس من هذا في شيء ولكن الصيام ان تنوي انك قد قدمت يوما من ايام عمرك الزاهية لله تعالى بان تكون جوعت بطنك وأظمأت كبدك حتى اذا أتى الغروب افطرت وانت تبتسم وقد انشرح صدرك ليوم فيه اطعت خالقك وانت تقول ( اللهم لك صمت وعلى رزقك افطرت فتقبل مني إنك انت السميع العليم ) .
3) ان نجدد التوبة لله تعالى في رمضان خاصة ونحن الذين قد سودنا صحائفنا بالذنوب والآثام لنكون على يقين بان للصائم عند فطره دعوة لا ترد فيكون صادق دعائنا لله رب العالمين بان يقبل توبتنا ويغسل حوبتنا ويتجاوز عن خطايانا ويعتق رقابنا من النار .
ان رمضان هو اعظم فرصة فيها نجدد توبتنا لربنا سبحانه ونحن نعلم انه الله الذي لا يرد سائلاً بان يعيننا ان نقلع عن ذنوبنا ويقبل منا هجرتنا اليه فما اعظمك يا رمضان تكون انت التاريخ وانت العنوان وانت البداية ليوم صلح مشهود بيننا وبين الله سبحانه .

اهازيج الصائمين
ان للصائمين اهازيج يترنمون بها وحداءاً خالداً عذبا يطربون له انه ذكر الله فالصائمون اكثر الناس ذكراً لله عز وجل تسبيحا وتحميدا وتهليلا وتكبيرا واستغفارا ، اذا طال عليهم النهار قصروه بالذكر واذا آلمهم الجوع اذهبوا المه بالذكر واذا ظمئت اكبادهم وتشققت شفاههم من العطش بردوها بذكر الله سبحانه قال صلى الله عليه وسلم ( لا يزال لسانك رطبا بذكر الله ) .
وقال عليه الصلاة والسلام ( ألا أنبئكم بخير اعمالكم وازكاها عند مليككم وخير لكم من انفاق الذهب والورق وخير لكم من ان تلقوا عدوكم فتضربوا اعناقهم ويضربوا اعناقكم ؟) قالوا بلى يا رسول الله قال : ( ذكر الله تعالى ) .
انها دقائق العمر الغالية يترنم بها الصائمون بذكر الله تعالى تكون لهم عمرا ثانيا :
دقات قلب المرء قائلة
له ان الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها
فالذكر للانسان عمــر ثاني
ثم ليكن مع حدائك الذي هو الذكر اهزوجتك التي هي الدعاء فكيف ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال ( للصائم دعوة لا تُرد) فاسأل ربك واطلب بل وكن لحوحاً في الدعاء ولا تستعجل وتقول دعوت فلم يستجب لي :
لو لم ترد نيل ما ارجو واطلبه
من جود كفك ما علمتني الطلبا
انه شهر رمضان شهر الدعاء وشهر الاجابة وشهر التوبة والقبول فيا صائما جفت شفتيه من الصيام وظمئت كبده من شدة العطش اكثر من الدعاء وكن ملحاحا في الطلب .
يا رب عفوك ليس غيرك يقصد
يـا من لـه الخـلائق تعمد
ابواب كل مملك قد اوصدت
ورأيت بابك واسعا لا يوصد
فارفع صوتك بالدعاء وبالحداء قبل الغروب ايها الصائم لانها اعظم الساعات فاكثر الدعاء وزد في الالحاح وواصل الطلب .

ايها الاخوة ايتها الاخوات
فمتى يتوب من لا يتوب في رمضان ، ومتى يعود الى الرحمن من لا يعود في رمضان ، ومتى يراجع حسابه مع الواحد الديان من لا يراجع حسابه في رمضان فسارع ايها المسلم في فكاك رقبتك في هذه الليالي واغتنم واغتنمي كثرة الصلاة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وكثرة التوبة والاستغفار وبادر بالحسنات فمن يدري لعلك اذنبت ذنبا لا يغفر الا في هذه الليالي ولعلك اسأت اساءة لا يمحوها الا التوبة في هذه الايام الاخيرة من رمضان .
فاغتنموا العشر الاواخر من رمضان، اغتنموا الثلث الاخير من رمضان الذي هو ثلث العتق من النار ( رمضان اوله رحمه واوسطه مغفرة وآخره عتق من النار ) ، فلعل الله ينظر الينا ويغفر لنا ويرحمنا ويفك اسرنا ويفرج كربنا ويعتق رقابنا من النار .

مرورك اسعدني كتير اختي زهور
تقبلي مروري

مشكور لمرورك اخي وسام

مشكور اخي على موضوعك
وجزاك كل الخير
وجعله الله في ميزان حسناتك

اختي ورده
مرورك اسعدني كتير
تقبلي تحياتي

مشكور عبده

كل الشكر لمرورك اخي محمد